استيقظت يوماً وأنت غير قادر على الحركة أو الكلام؟ و تسمع ضوضاء مخيفة .. و أن شيئاً ما يجثم على صدرك؟
ربما سمعت أن هذا ما يُسمى “الجاثوم”، وتناقل الناس أنه جن أو شيطان يزور النائمين ليلاً و يشل حركتهم ..
لدرجة يجعلك لا تتمكن من الصراخ يعطيك شللاً تاما في كل عزمك و أن قواك منهارة تماماً
لكن، هل فعلاً هذا ما يحدث؟ هل هو حقاً شيطان أو جن يثنيك عن الحركة، أم أن للعلم رأياً آخر؟
في هذا المقال، سأتناول الحقيقة العلمية لشلل النوم أو ما عرفناه دائماً بإسم (( الجاثوم ))
لنفهم لماذا يشعر به الإنسان بهذه الطريقة، ولماذا هو شائع في مجتمعاتنا العربية؟
أولاً: ما هو شلل النوم (الجاثوم) من منظور علمي؟
شلل النوم هو حالة مؤقتة من عدم القدرة على تحريك الجسم أو التحدث، تحدث عادةً في اللحظات ما بين الإستيقاظ والنوم،الدماغ يكون مستيقظاً، لكن الجسد لا يزال في وضع “النوم العميق”.
قد تستمر الحالة من ثوانٍ قليلة إلى دقيقتين، وتترافق أحياناً بهلوسات بصرية أو سمعية، مثل رؤية ظلال، أو سماع أصوات غريبة، لهذا يظن المصاب بهذه الحالة أنه يرى شبحاً أو جنياً أو شيطاناً يجثم على صدره بسبب عدم قدرته على الحركة لشعوره بشلل حركي مؤقت.
ثانياً: لماذا يحدث شلل النوم؟
يحدث الجاثوم غالباً عندما يستيقظ الدماغ خلال مرحلة تُدعى النوم الحركي السريع (REM)، وهي المرحلة التي تحدث فيها الأحلام، REM Sleep و تعني Rapid Eye Motion حركة العين السريعة، و أظن أغلنا لاحظ مثل هذا السلوك على أحد أفراد عائلته أو من هم حوله حين ينامون، ستلاحظ أن العين من تحت الجفن تتحرك يمنى و يسرى بشكل سريع.
في هذه المرحلة، يُعطّل الدماغ مؤقتاً حركة العضلات حتى لا نتصرف وفقاً لأحلامنا، فتخيل أنك تركض في الحلم و عضلاتك أو جسدك متيقظ و منتبه لذلك الحلم، هذا الشيء سيجعلك تركض و أنت نائم و المصايب تزيد.
لكن إذا استيقظنا فجأة قبل أن يستعيد الجسم سيطرته على عضلاته، نشعر وكأننا محتجزون داخل أجسامنا،لذلك هذه نعمة أكثر من كونها أمر مرعب أو سيئ في الحقيقة، حتى لا يطلق عقلك العنان للجسد بالحركة و أنت لا زلت نائماً.
ثالثاً: لماذا نرى ظلالاً أو نحس بوجود “كائن” في الغرفة؟
الدماغ البشري عند مروره من حالة النوم إلى اليقظة يكون معرضاً للهلوسات، لأنه لا يزال متأثراً بالأحلام.
أحياناً، ف يفسّر الدماغ أي إحساس داخلي بالخطر أو بالقلق على شكل “كيان خارجي” مخيف.
لذا يرى البعض شخصاً أو ظلاً يجلس على صدره، بينما هو في الحقيقة تفسير دماغي للشلل الحاصل، إجمع بين عدم القدرة على الحركة و الهلوسات البصرية المتأثرة بالحلم و الهلوسات السمعية، النتيجة هي إعتقادك بأن هناك من يجلس على صدرك و هذا الشيء يفزعك، لتستيقظ مرعوباً و معتقداً بأن هناك جني أو شيطان كان يجلس على صدرك.
رابعاً: لماذا تنتشر الخرافات حول الجاثوم في مجتمعاتنا؟
في غياب التفسير العلمي، يعتمد الناس على الموروث الشعبي لتفسير ما لا يفهمونه من حوادث في حياتهم.
ولأن شلل النوم تجربة مرعبة فعلاً، ارتبطت في التراث العربي بكائنات مثل “الجن” أو “الشياطين”.
لكن كل ما في الأمر أن الدماغ يعيش وهماً لحظياً، بسبب تداخل مراحل النوم، و هلوسات السمع و البصر و الإنتقال السريع و المفاجئ بين مرحلة النوم العميق أو REM التي شرحناها سابقاً، الى مرحلة الاستيقاظ التام و لا أكثر.
خامساً: هل الجاثوم خطير؟ وهل يمكن أن يقتل الإنسان؟
كن متيقنا الجواب : لا، الجاثوم ليس حالة خطيرة أو مؤذية جسدياً.
رغم أنها حالة مخيفة، إلا أنها لا تسبب اختناقاً حقيقياً، ولا تؤدي إلى الوفاة أو تلف الدماغ.
كما أنها لا علاقة لها بوجود أرواح شريرة أو قوى خارقة و أشبح و شياطين و ما شابه ذلك، هي ببساطة خلل مؤقت في التنسيق بين النوم واليقظة، و تعتبر طبيعية.
سادساً: كيف يمكنني تقليل تكرار الجاثوم؟
إليك بعض النصائح لتقليل احتمال تكرار حالة شلل النوم أو الجاثوم:
نظّم نومك: نم واستيقظ في أوقات منتظمة بشكل يومي.
قلّل التوتر قبل النوم: مارس تمارين الاسترخاء أو التنفس العميق.
تجنّب النوم على ظهرك: الكثير من حالات الجاثوم تحدث أثناء النوم بهذه الوضعية.
نم وقتاً كافياً: قلة النوم أو الإرهاق أو التعب يزيدان احتمالية حدوث الجاثوم.
خلاصة المقال
الجاثوم ليس كائناً غامضاً أو قوة خارقة أو شيطان أو جن، بل حالة فسيولوجية طبيعية تشرحها علوم النوم الحديثة.
لا يوجد “شيطان” يجثم على صدرك، بل دماغك يمر بحالة انتقال معقّدة بين الحلم واليقظة.
كل ما عليك فعله هو الاطمئنان، وفهم ما يحدث لجسدك حتى لا تبقى رهينة للخوف والخرافات والمخاوف القديمة.